مؤتمر المناخ "يلعب" في الوقت الضائع!

12/04/2023 - 12:49 PM

بيروت تايمز

 

 

دبي - ألفة السلامي

 

بدأت منذ الخميس الماضي اجتماعات لزعماء ودبلوماسيين من حوالي 200 دولة في مؤتمر المناخ (كوب 28) الذي تستضيفه دبي على مدى أسبوعين، ويتضمن جولة جديدة من المفاوضات حول الحد من ارتفاع متوسط ​​درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الصناعة، وهو الهدف الذي يخشى العديد من العلماء أنه بعيد المنال، حيث ارتفعت درجة حرارة الكوكب بالفعل بمقدار 1.2 درجة مئوية.

ويشدد العلماء على أن عدم الالتزام بهذا المستوى سيؤدي إلى المزيد من الكوارث الطبيعية كحرائق الغابات وموجات الحر الشديد والجفاف والعواصف والفيضانات. ويتمثل جزء كبير من الاستراتيجية الرامية إلى تحقيق هذا الهدف في خفض الانبعاثات الناجمة عن الوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم وخاصة الدول الصناعية التي تتحمل المسؤولية الأكبر عن الانبعاثات الملوثة للبيئة منذ الثورة الصناعية قبل أكثر من قرنين. وهكذا فإن المفاوضات "تلعب" في الوقت الضائع: إما الالتزام وإنقاذ البشرية وإما المزيد من الكوارث والويلات و وداعا حينئذ للسلام والأمان والتنمية!

وقد اعترض نشطاء المناخ مبكرًا على استضافة الإمارات كإحدى الدول الرائدة في إنتاج النفط لمحادثات الأمم المتحدة للمناخ هذا العام، وعبروا عن مخاوفهم من أن تكون القمة مكانا لعقد صفقات النفط. لكن المسؤولين الإماراتيين تصدوا لتلك المخاوف ويرون على العكس من ذلك أن مواجهة تغير المناخ هو القضية الأكثر إلحاحا الآن والأجدر بهم التصدي لها قبل غيرهم خاصة وانهم معرضين بشدة لارتفاع درجات الحرارة.

وهذا ما أكدت عليه أيضا مريم المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، في حوار لها مؤخرا، مشيرة إلى أن "القيادات الإماراتية ينظرون للمستقبل بعناية وقد أدركوا بالفعل منذ سنوات عديدة مدى أهمية التنويع بالنسبة لسياساتهم". وكانت الإمارات من أوائل الدول في منطقة الخليج التي استثمرت في الطاقة المتجددة وتطوير الصناعات غير النفطية، بما في ذلك الطيران والموانئ والسياحة. أضافت المهيري: "الوقت ليس في صالحنا؛ لا يمكننا الانتظار عامين أو ثلاثة أعوام أخرى للقيام بأي خطوات كبيرة."

رئيس المؤتمر سلطان الجابر، رئيس شركة النفط الحكومية، ذكر في وقت سابق لصحيفة نيويورك تايمز أنه لم يضغط أحد على بلاده لاستضافة المؤتمر وإنما تم الأمر برغبة منها. وأضاف مشددا: "نريد أن نظهر للعالم ما يمكننا القيام به للمساعدة في مواجهة هذا التحدي العالمي." وخلال جلسات المؤتمر، أوضح الجابر أيضا أن هناك 50 من كبريات شركات النفط العالمية تشارك في قمة دبي وهي مسؤولة عن حوالي 40% من الإنتاج العالمي، وقد تبنى 19% منها بالفعل سياسات التكيف لخفض الانبعاثات الملوثة للبيئة.

ويأمل الإماراتيون في تحول العالم تدريجيا نحو الطاقة المتجددة والتوسع في الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر بما في ذلك التقنيات الجديدة لتقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري. لكن الطريق إلى الطاقة النظيفة ليس مفروشا بالورود ويحمل تحديات حقيقية ترى الإمارات وعدد آخر من الدول المتقدمة أن التكنلوجيا المتطورة تستطيع إنقاذ الموقف.

وقد حدد تقرير اقتصادي صدر مؤخراً عن صندوق النقد الدولي المخاطر التي يشكلها تغير المناخ والتحول إلى الطاقة النظيفة على الإمارات إذا سار بوتيرة سريعة؛ من بين المخاطر إجهاد الموارد المالية للدولة، وتراجع مدخراتها. وقلل مراقبون من هذه المخاوف مشيدين بالتنوع في الاقتصاد الإماراتي مقارنة بدول نفطية أخرى، حيث يشكل النفط حوالي 16% فقط من إجمالي الصادرات الإماراتية مع وجود خطة استباقية تعود لأكثر من عقدين لجعل مدينة مثل دبي الأكثر ملاءمة للعيش على مستوى العالم بحلول عام 2040. وتشير مخاوف المدافعين عن البيئة أن الدول الأكثر تضررا من الانبعاثات هي الأقل تقدما في مجال التكنولوجيا صديقة البيئة وبالتالي تحتاج تمويلا كبيرا للتكيف المناخي وهو ما تبخلُ الدول الغنية بتقديمه.

وقد ألقت تداعيات الحرب الاسرائيلية على غزة بظلالها على محادثات المناخ حيث لم تخل اللقاءات بين ممثلي الوفود والمنظمات والناشطين من أحاديث ودية حول هذه القضية والسيناريوهات المتوقعة. كما يتردد داخل أروقة المؤتمر أن الصراعات الدولية من المرجح أن تؤدي إلى إضعاف احتمالات منح الدول الغنية تمويل "سخي" للدول الفقيرة، حيث تقدم العديد من الدول الصناعية تمويلات طارئة لإسرائيل وأوكرانيا. ولاحظ ناشطون أن الدولة العبرية تراجعت عن إرسال وفد كبير للمؤتمر كما كانت تخطط لذلك، ويمثلها في هذه القمة مايا كادوش. كما أن شركات الطاقة الإسرائيلية، ويتجاوز عددها الثلاثين، قد تراجعت على ما يبدو عن المشاركة لتفادي ردود الفعل المحتملة من بعض الأطراف. وقد كان حضور نتنياهو وإلقائه كلمة أمام القمة مثارا لسخط من الكثيرين الذين كانوا يتمنون على الأقل انسحاب ممثلي الدول العربية أثناء الكلمة!

وهكذا يترقب العالم ما ستسفر عنه قمة دبي وإذا ما كان القادة جادين ويدركون أنهم لا يستطيعون الحصول على أمرين في كلا الاتجاهين: لا يمكن للبشرية التخلص من انبعاثات الغازات الدفيئة دون خفض إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري!

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment